الجيش اللبناني يلاحق مطلقي النار في الانتخابات البلدية

بدأ الجيش اللبناني حملة غير مسبوقة واتخاذ تدابير صارمة لملاحقة مطلقي النار العشوائي، للحد من هذه الظاهرة التي تتفاقم في لبنان، في موازاة القرار السياسي – الحكومي الواضح الذي ترافق مع إقرار البرلمان قانون مضاعفة العقوبات بحق المخالفين.
وأعلنت قيادة الجيش، في بيان، مواصلة الرصد الأمني وعمليات الدهم لتوقيف مطلقي النار خلال الانتخابات البلدية والاختيارية، وإحالتهم إلى القضاء المختص، متحدثة عن توقيف 86 شخصاً من المتورطين الذين ضُبطت بحوزتهم أسلحة وذخائر حربية.
وشددت القيادة على أنها «لن تتهاون في ملاحقة جميع المتورطين وتوقيفهم على الأراضي اللبنانية كافة»، لافتة إلى أن «الوحدات العسكرية المنتشرة باشرت اتخاذ تدابير أمنية استثنائية بمناسبة إجراء المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية بما يشمل إقامة حواجز ظرفية وتسيير دوريات، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى، بهدف حفظ الأمن والاستقرار في أثناء العملية الانتخابية، ومنع وقوع إشكالات».
ويعاني لبنان منذ سنوات من ظاهرة إطلاق النار بشكل عشوائي خلال أي مناسبة سواء خلال الأفراح أم الأحزان، كما عند إطلالة عدد من الزعماء. وآخر ضحايا إطلاق النار كان، يوم الأحد الماضي في انتخابات طرابلس، شمال لبنان، حيث قُتل شاب نتيجة إطلاق الرصاص العشوائي الذي أدى أيضاً إلى إصابة عدد من الأشخاص بينهم مراسلة قناة «إل بي سي» ندى أندراووس.
وأقر مجلس النواب في جلسة عقدها، هذا الأسبوع، قانوناً يتعلق بتجريم إطلاق أعيرة نارية في الهواء مع مضاعفة العقوبة على مُطْلِق النار.
المواد القانونية الجديدة
يشير النائب في كتلة «التنمية والتحرير» الدكتور أشرف بيضون الذي تقدم باقتراح القانون الذي تم إقراره إلى أنه لحظ جنحة مشددة تتراوح عقوبتها بين 6 أشهر و6 سنوات، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «خلافاً لقانون العقوبات سيتم التعامل مع الفاعل والشريك والمتدخل على قدر المساواة، كما أنه سيمنع على القاضي أن يعطي المرتكب أسباباً تخفيفية في حال تكرار الجُرم».
ووفق الخبير القانوني والدستوري الدكتور سعيد مالك، فإن القانون الجديد بات ينص على معاقبة كل من أقدم، لأي سبب كان، على إطلاق أعيرة نارية في الهواء من سلاح حربي، سواء كان مرخصاً أم غير مرخص، بالإضافة إلى الحبس ودفع غرامة تتراوح بين 8 إلى 10 أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور، إضافة إلى مصادرة السلاح، ومنع الجاني نهائياً من الحصول على رخصة سلاح مدى الحياة.
ويوضح مالك في تصريح ل«الشرق الأوسط» أن العقوبة تصبح أكبر إذا أدى إطلاق النار إلى مرض أو تعطيل الشخص عن العمل، أو إلى وفاته، لافتاً إلى أنه في حال قُتل أحد الأشخاص نتيجة إطلاق النار العشوائي، يُعاقب الجاني بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن 10 سنوات، ولا تتجاوز خمس عشرة سنة، ويدفع غرامة يتراوح مقدارها من 20 إلى 25 ضعف الحد الأدنى الرسمي للأجور.
ويرى مالك أن «مضاعفة العقوبة يجب أن تؤدي إلى قمع هذه الظاهرة التي تتسبب في إيذاء المواطنين الأبرياء»، مشدداً على أن «المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الأجهزة الأمنية التي ينبغي أن تشدد إجراءات ملاحقة مطلقي النار».
أسباب تفاقم هذه الظاهرة
من جهتها، ترى الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس في الجامعة اللبنانية في بيروت منى فياض أن العقوبة التي كان يلحظها القانون «لم تكن رادعة، وليس واضحاً، اليوم، ما إذا كانت العقوبة الجديدة ستؤدي لنتائج مختلفة».
وتشدد فياض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب «جمع كل السلاح ليس فقط الثقيل والمتوسط، وعلى حصر تراخيص حمل السلاح بمن يحق له ذلك بسبب وظيفته»، معتبرة أن «الضعف في تطبيق القوانين تَسَبَّبَ إلى حد كبير في تفاقم هذه الظاهرة، لا سيما أننا في بلد يعاني من الحروب والفلتان الأمني منذ أكثر من 50 عاماً».
وتشير فياض إلى أن «الاستسهال باستخدام السلاح لم يكن قائماً قبل دخول الميليشيات الفلسطينية وبعدها السورية والإيرانية، مروراً باللبنانية»، لافتة إلى أن «شعور مستخدم السلاح بالقوة والبطولة، إضافة إلى تحوُّله نوعاً من التقليد في المناسبات، عاملان أديا لتفاقم هذه الظاهرة».
المصدر: الشرق الأوسط