أخبارالعراق

تقرير مختصر حول الأحداث والأزمة العراقية الحالية

أولا : مقدمات لما قبل أزمة اقتحام المباني الحكومية:
1. الصراع على النفوذ استمر بين القوى الشيعية للاستحواذ على تشكيل الحكومة وتسمية رئيس الوزراء
2. إن الصراع تركز بين التيار الصدري من جهة والإطار التنسيقي الشيعي الذي يحوي اغلب القوى الشيعية الأخرى وقوى الحشد الشعبي الولائي والتي توصف بأنها موالية لإيران
3. حاول الصدر خلال المرحلة الماضية الاستحواذ على الاغلبية البرلمانية من خلال نوابه الفائزين بالانتخابات مع الكتل المتحالفة معه من السنة متمثلا بالحلبوسي والكورد متمثلا بالبارزاني والذي سمي التحالف حينها بالتحالف الثلاثي وكان شعار الصدر حينها الأغلبية الوطنية.
4. وقفت قوى الإطار بالضد من مشاريع التحالف الثلاثي لمنع تسميته رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة وشكلت ما سمته بالثلث المعطل للبرلمان، وبرغم محاولات متعددة من التحالف الثلاثي، تارة بدعوة اعضاء البرلمان لتحقيق حضور ثلثي الاعضاء لتسمية رئيس الجمهورية وتسمية رئيس الوزراء ثم أوكلوا بعدها المهمة الى المستقلين لتشكيل الحكومة ولكنهم اخفقوا في محاولة الحصول على الثلثين.
5. إن اختلاف الكتلتين الكرديتين الكبيرتين بعدم الاتفاق على مرشح واحد لمنصب رئيس الجمهورية وهو منصب الكرد حسب التحاصص الطائفي والعرقي في تشكيل الحكومة أدى الى تعميق الفشل في المضي قدما في تشكيل الحكومة.
6. عزم التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر بالمضي قدما بما أسماه بالإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد (من وجهة نظره) بالوسائل الأخرى غير الوسائل التقليدية بعد اخفاقه من تشكيل حكومة الاغلبية، فوجه أتباعه الصدريين من أعضاء البرلمان الى الانسحاب منه وإختار مسار المعارضة من خارجه بمختلف الوسائل شريطة منع خصومه من تشكيل الحكومة كما قد منعوه سابقا من تشكيلها تحت شعار الثلث المعطل.
7. عمد الإطار التنسيقي الى استثمار الفرصة حسب وجهة نظره بتعويض انسحاب البرلمانيين من التيار الصدري بإعضاء من الإطار التنسيقي للمضي قدما في تشكيل الحكومة.
8. سعى الإطار التنسيقي الى إقناع السنة والكورد بالمشاركة في تشكيل الحكومة بعدة محاولات كانت بدايتها الدفع باتجاه ترشيح صقور الإطار مثل المالكي او هادي العامري ليتم لهم مسك زمام الحكومة بشكل محكم.
9. رفض التيار الصدري ترشيحات الاطار تلك خصوصا الاسماء المجربة والتي يصفها التيار بالفاسدين والذين كانوا سببا في أزمات العراق السابقة وهي ايضا ترشيحات يتحفظ عليها السنة والكورد وزاد الطين بلة بظهور التسريبات الصوتية للمالكي والتي فضحت توجهاته واظهرت خصوماته مع اغلب من حوله حيث طعن فيها حتى بالحشد الولائي وصدق تلك التسريبات التيار الصدري وكذلك عموم الشارع وكان لذلك أثر بالغ في رفض ترشح المالكي.
10. ثم سعى الاطار لتسمية رئيس وزراء من الصف الثاني من اتباعه من الذين لم يشتهروا بخصوماتهم وعدائهم للتيار او للسنة او للكورد ، وقد توافق الإطار على تسمية محمد شياع السوداني.
11. رفض التيار الصدري كذلك ترشيح السوداني ووصفه بأنه جزء من الفساد ووجه ثاني من وجوه واتباع المالكي.
12. سعى الإطار بقوة لعقد جلسات البرلمان لتسمية رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة يرأسها السوداني برغم فشل الكورد من تسمية مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية.
13. وكنتيجة لضغوط الاطار واصراره على مرشحه السوداني ومساعيه المختلفة لعقد جلسة البرلمان ، فقد إتخذ التيار الصدري القرار بدعوة اتباعه لاقتحام مبنى البرلمان ثم محاصرته ومنع انعقاد جلساته بذريعة التظاهر السلمي المكفول دستوريا.
14. وواضح ان هناك توجه لدى رئيس الوزراء الكاظمي بمنع الاعتداء على ابناء التيار او حمايته كون التيار هو من دعم تكليف الكاظمي.
15. توعد الصدر بتصعيد خطواته وطالب بحل البرلمان والذهاب الى انتخابات مبكرة.
16. وبين مؤيد لتلك الخطوة ومعارض لها كانت المواقف متباينة بين ذلك واعتبرت الجهات القضائية انها لاتملك الصلاحية لحل البرلمان والدعوة الى انتخابات مبكرة في خطوة وصفها أتباع الصدر بأن القضاء يقع تحت تأثير المالكي.
17. إن انسداد الأفق أمام التيار الصدري في حل البرلمان والذهاب الى انتخابات مبكرة فقد هاجم اتباعه مجلس القضاء الأعلى وهي خطوة اعتبرها البعض انها تجاوزت الخطوط الحمراء وتدفع لشل الدولة لتعطيل القضاء وهي المؤسسة الشرعية الوحيدة الباقية بعد تعطيل البرلمان مع وجود حكومة تصريف الاعمال وتحديات كبيرة منها سير الحياة الطبيعية ورواتب الموظفين وماشابه ذلك ، فقام التيار سريعا بالانسحاب من محاصرة مجلس القضاء الأعلى واعتبرت محاصرة القضاء خطوة غير مثمرة وفيها مخاطر كبيرة.

ثانيا: الأزمة والأحداث الحالية بعد مهاجمة القصر الجمهوري والمباني الحكومية في ٢٩ آب أغسطس ٢٠٢٢:

1. لم يتبق أمام الصدر من التصعيدات الا خطوة جريئة بمهاجمة السلطة التنفيذية متمثلة بمهاجمة القصر الجمهوري ومجلس الوزراء لشل حركة الحكومة.
2. وتم اتخاذ الخطوة باعلان مقتدى الصدر بالاعتزال وغلق كافة المؤسسات الصدرية وهي خطوة يبدو انه قد فهمها تياره بالذهاب الى التصعيد على الأرض باتجاه مهاجمة الجهات التنفيذية المركزية وكذلك في المحافظات الجنوبية كمحافظة ذي قار وميسان والبصرة وعلى أثرها تم اقتحام القصر الجمهوري والمباني الحكومية المركزية في العاصمة وبعض المحافظات الجنبوبية.
3. الخطوة تعتبر تحدي كبير وتشكل تعقيدا بالغ الخطورة للجميع.
4. والخطوة الصدرية تحتمل أحد مسارين:
5. المسار الأول أنها قد تشكل انقلابا وسيطرة على مفاصل الدولة والتحكم فيها وهذا يعد تحدي كبير لكل ما تم من تغييرات وهيكلة ومكتسبات لقوى خارجية متمثلة بالولايات المتحدة وايران وداخلية متمثلة بالكتل والاحزاب التي دعمت تغيير النظام السابق وكذلك لقوى الحشد الشعبي والكيانات الولائية.
6. المسار الثاني ان الخطوة التصعيدية هي ورقة ضغط قوية وخطوة كبيرة تظهر إمكانية شل مفاصل الحكومة والدولة لإيصال المخالفين لحالة الاستحالة من تشكيل الحكومة ولإجبار الإطار والمخالفين للذهاب باتجاه حل البرلمان والذهاب الى انتخابات مبكرة.
7. الكاظمي وكإجراءات من قبل حكومته فقد وجه باعادة السيطرة على كل المباني الحكومية وخصوصا القصر الجمهوري والمباني المركزية في العاصمة بغداد والكائنة في المنطقة الخضراء ، وتم استعادة السيطرة عليها من قبل القوات الأمنية بالفعل.
8. وجه الكاظمي بعدم توجيه الرصاص الحي تجاه المتظاهرين بعكس ماحصل من قبل الحكومات السابقة تجاه تظاهرات تشرين وتظاهرات الحراك في المحافظات السنية (والتي راح ضحيتها في حينها عدد كبير من القتلى والجرحى ودمرت المدن وهجر الكثير من اهلها).
9. سرعان ما اعلنت الحكومة حظر التجوال في العاصمة بغداد ثم تبعتها بقرار حظر تجوال بكل المحافظات العراقية خصوصا بعد توافد اعداد كبيرة من اتباع التيار الصدري من بغداد والمحافظات الجنوبية باتجاه المنطقة الخضراء وانتشار سرايا السلام وهو الجناح العسكري للتيار في بغداد ثم اعلنت الحكومة عن تعطيل الدوام الرسمي للدولة في ظل تخوف من الوضع الامني خشية انفلاته في حين هرع الكثير من الناس نحو المتاجر لشراء احتياجاتهم الغذائية والضرورية.
10. لا يزال التيار الصدري يحشد اتباعه وسرايا السلام وكذلك القوات الأمنية والحشد ترسل المزيد من القوات الى المنطقة الخضراء ويستمر استخدام الاسلحة المتوسطة والخفيفة فيها.
11. انهيار المفاوضات بين الصدريين والاطاريين التي جرت فجر اليوم بسبب تعنت الطرفين
12. المحكمة الاتحادية أجلت جلستها التي كان من المقرر عقدها اليوم الثلاثاء، للنظر بدعوى حل مجلس النواب بسبب العطلة والتطورات الأمنية قرب المنطقة الخضراء واعلن مصدر قضائي بأنها ستعقد عند عودة الأمور الى طبيعتها من الناحية الأمنية.
13. لا يزال الوضع معقدا ولا يبدو هناك حلا سياسيا او توافقيا بين الكتل في الأفق المنظور ويعيش العراقيون حاليا ترقبا حذرا لمستقبل البلاد للايام القادمة.
14. دعوات متزايدة للمرجع الأعلى للتدخل ومعلومات عن بيان مرتقب من المرجعية.
15. مقتدى الصدر سيعقد مؤتمراً صحفياً في الحنانة بالنجف هذا اليوم.

ثالثا: ابعاد أخرى حول الصراع الدائر:

1. القوى الشيعية تحاول أن تنأى بنفسها عن حصول اقتتال شيعي شيعي كبير كقواعد لعبة توافقت عليها تلك القوى .. لكن قد يستغل طرف من الاطراف خارجي او داخلي تاجيج ذلك وقد تطور الأحداث او قد تتغير بعض قواعد اللعبة في حال حصول كسر عظم لاحد الاطراف المهمة في الصراع.
2. إن إعتزال الحائري الذي تبعه اعتزال الصدر هو تحدي شيعي داخلي ينم عن الصراع الدائر حول مرجعية النجف أو قم.
3. إن سكوت المرجعية العليا في النجف عن تدخلها فيما يجري من أحداث يعبر عن عدم انزعاجها بل ربما رضاها ،كون تلك الأحداث تمثل ضربة للموالين للمرجعية الإيرانية في المشهد السياسي العراقي حيث يقلد معظم أتباعه مرجعية الخامنئي ، كما إن تصريح الحائري الأخير بتقليده للخامنئي ودعوته لأتباع الصدر بالأمر ذاته تعتبر سببا إضافيا لانزعاج المرجعية في النجف من هذه الدعوة المريبة، بل إن مرجعية النجف رأت أنها تمثل منعطفا خطيرا في التقليل من شأنها وخطوة كبيرة لإنهاء دورها في المجتمع الشيعي العراقي.
4. من الملاحظ أن هناك دعم خارجي وداخلي لمواقف الصدر لغرض مواجهة نفوذ متزايد لخصومه وولاءاتهم لايران قد يكون المقصد منه هو حصول توازنات في القوى والسعي لتقليل النفوذ الايراني المستحوذ على أهم مفاصل الدولة العراقية.
5. من غير المستبعد ان يكون للمفاوضات النووية الأمريكية الايرانية تأثير على ما يجري في العراق حاليا.
6. المواقف الصدرية في الصراعات السابقة كانت كثيرة التأرجح حيث كثيرا ما كان يتراجع عن تصعيده عند المواقف الحرجة بعد حصوله على مصالح كمناصب حكومية او منافع مالية لكن ربما يعتبر التصعيد الأخير مختلفا لكونه تحدي وجود وليس فقط نفوذ بالنسبة لطرفي النزاع.

زر الذهاب إلى الأعلى